بيان جمعية شمس إزاء مقال جريدة الشروق
إزاء ما نشرته الشروق — «ماذا وراء ترويج صور المثليين والشواذ؟» — تعلن جمعية شمس رفضها لخطاب ينعش الهلع الأخلاقي: تجريم أشخاص يرقصون وتشويه سمعة مصوّرين يشتغلون. في المهرجانات تُلتقط صور الفرح والأجواء والحرية. منذ متى أصبحت الرقصة جريمة؟ ومنذ متى تُفبرك الميول الجنسية من لباس أو لقطة عابرة؟ هذا ليس عملاً صحفياً بل محاكمة نوايا مُعادية للمثليين/ات.
محاكمة نوايا بدل الصحافة
في نصّه، يكتب الشروق: «… اتجهت هذه المرّة كاميرات المصوّرين إلى الشواذ والمثليين، والتقطت فيديوهات توثّق لحظات حركاتهم وسلوكهم على مدارح المسارح مما يعطي صورة سلبية على هذه المهرجانات وعلى التظاهرات الثقافية في تونس.»
هذا النصّ لا يكتفي بسرد الوقائع، بل يحكم أخلاقيّاً، رابطاً وجود المثليين/ات في المهرجان بصورة «سلبية» للثقافة التونسية. لا شيء في الصور يثبت «مساساً بالحياء»: الأشخاص يرقصون، يبتسمون، يعيشون لحظة فرح. المقال يفبرك علاقة بين الميول الجنسية و«الإخلال بالأخلاق الحميدة»، وهذا لبّ الخطاب المعادي للمثليين المُمأسس.
دور المصوّر… توثيق اللحظة
الشروق يوحي بأن المصوّرين اختاروا «استهداف» أشخاص من مجتمع الميم عمداً لـ «تشويه» صورة المهرجانات. يقول المقال: «… بعض الأشخاص الذين يحملون كاميرات لا من أجل التغطية الإعلامية للعرض بل للتركيز على جوانب أخرى قد تجلب أكثر عدد من المشاهدين…»
هذا محاكمة نوايا. عمل المصوّر أو المصوّرة في المهرجان هو توثيق اللحظات الأكثر تعبيراً، سواء كانت فرحة الجمهور، أو رقص المشاركين، أو لحظات طريفة. التقاط صورة لشخص يرقص ليس جريمة ولا خطأ مهنياً: بل هو توثيق للحياة في الفعالية.
الحرية الفردية ليست جريمة
السؤال البديهي: منذ متى يصبح الابتسام أو الإيماءة أو اللباس «دليلاً» على الميول الجنسية؟ وحتى لو كان الشخص مثلياً أو مزدوج الميول، فبأي منطق تعتبر رقصته أو مظهره «مساساً بالحياء»؟
المهرجان فضاء حرّ: لكل إنسان حقّ الرقص والغناء وارتداء ما يشاء. ما قامت به الشروق في هذا المقال يتجاوز مجرّد إبداء الرأي: إنّه اعتداء على الحرية الفردية ودعوة غير مباشرة لمراقبة الناس والحكم عليهم ووصمهم في الفضاء العام.
عندما تلمّح الصحيفة إلى أن شخصاً يرقص بمفرده في زاوية المهرجان «يعتدي على الحياء» أو «يسيء لصورة البلاد»، فهي تتجاوز الخط الفاصل بين النقد الثقافي والشرطة الأخلاقية.
انحراف إعلامي خطير
أين الدليل على أن رقص شخص أو ارتدائه لباساً معيّناً يهدّد الأخلاق العامة؟ أين البراهين على أن هذا الشخص مثلي أو مزدوج الميول أو له أي توجه جنسي آخر؟ الحقيقة أن الشروق تمارس وصم الهوية انطلاقاً من صور نمطية، وهذا، في سنة 2025، أمر غير لائق من صحيفة وطنية.
تونس بلد يدّعي الحرية والتنوع. وهذه الحرية تشمل حق الرقص وحرية اللباس وعيش أجواء المهرجان دون الخوف من أن تتحوّل إلى مادّة في جريدة تعيد تدوير الشتائم وأحكام الماضي.
مطالب جمعية شمس
باسم جمعية شمس، نؤكد أن هذا النوع من المقالات يُشكّل تهديداً مباشراً للكرامة الإنسانية وللحقوق الأساسية. الشروق لم تكتفِ بسرد الوقائع، بل صنعت رواية سامة تغذّي الكراهية، وتبرّر التمييز، وتشرعن مراقبة الأجساد والسلوكيات.
- اعتذار علني من هيئة تحرير الشروق عن استعمال ألفاظ مهينة مثل «شواذ» وعن ربط صور احتفالية بـ «صورة سلبية» للبلاد.
- وقف فوري لهذا النوع من التغطية الإعلامية التي تَصِم الأشخاص بناءً على مظهرهم أو تصرّفات عادية مثل الرقص.
- يقظة جماعية: أن يقرأ الجميع هذه المقالات بعين ناقدة وأن يفضح خطاب الخوف والكراهية.
نجدد التأكيد أن العيش بحرية، وحبّ من نريد، والرقص، والضحك، وارتداء ما نشاء ليست جرائم. الجريمة الحقيقية هي حرمان الناس من هذه الحرية.